السؤال .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فجزاكم الله خيراً وسدد خطاكم، سأدخل في الموضوع مباشرة.
أنا جدي كان مشعوذاً -رحمه الله- والآن أولاده وبناته في تعاسة وتعب من الحياة، وأنا سمعت أنه إذا كان هناك مشعوذ فسيتعس أهله إلى الجد السادس، فهل هذا صحيح؟ وكيف أرفع عن أهلي هذه التعاسة والتعب، ماذا أفعل بالتحديد؟
ولكم الشكر.
الإجابــة.. بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.
أخي الفاضل: إنه مما لا شك فيه أن الشعوذة من الأمور المحرمة، وأن الله تبارك وتعالى أخبرنا بأن الساحر كافر، كما ورد في القرآن الكريم في سورة البقرة، عندما أخبرنا الله تبارك وتعالى في قصة هاروت وماروت بقوله جل جلاله: {إنما نحن فتنة فلا تكفر} فهو عمل غير مشروع ومحرم.
وصح عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الساحر كافر كما ذكر أهل العلم، ومما ورد أيضًا (حد الساحر ضربة بالسيف) إلى غير ذلك، ولذلك يسأل العلماء هل للساحر توبة أم ليست له توبة؟ فمنهم من قال بأنه ليست له توبة، خاصة إذا كانت هذه الشعوذة وهذا السحر قد أدى مثلاً إلى قتل بعض الناس أو غير ذلك، فهذه من المسائل التي ذكرها العلماء فيما يتعلق بحكم الساحر أو المشعوذ.
أما قضية أن أهله يصابون بالتعاسة إلى الجد السادس أو الخامس أو الأقل أو الأكثر، فهذا أمر لا دليل عليه، نعم... إذا كان يعتمد اعتمادًا كليًا في طعامه وشرابه وحياته وتربية أولاده على هذه الأموال المحرمة التي تأتيه من ممارسة السحر والدجل والشعوذة، فإن هذه قطعًا تُشبه السموم، أي المواد السامة التي تدمر بنيان الإنسان.
ولكن قضية التعاسة هذه مسألة أخرى، فنعم قد تترك آثارها هذه الأموال التي ينفقونها تترك أثرها على حياتهم، من باب أن هذا رد فعل لهذا الحرام، لأن المال لا يُبارك فيه ولا يزكو.
وأيضًا يترتب عليه أن الأجساد هذه نبتت من حرام، فستكون أوضاعها غير طبيعية وغير مستقرة، هذا حق، أما أن يكونوا تعساء فالتعاسة والسعادة لا علاقة لها بذلك أخي الكريم بصفة مباشرة، وإنما نعم أقول قد يتأثرون بهذا المال الحرام.
ولكن إلى الجد السادس أو الخامس أو الرابع أو الأول هذا كما ذكرت لك نوع من التخرص وقول على الله بغير علم، وهؤلاء الناس ما داموا من فضل الله لم يسيئوا إلى أحد، وأحوالهم الإيمانية طيبة وعلاقتهم مع الناس حسنة، فهم مطالبون بالدعاء والإلحاح على الله أن يغير الله حالهم، وأن يصرف الله تبارك وتعالى عنهم هذه التعاسة.
ومن الممكن أن يستعملوا الرقية الشرعية لاحتمال أنه قد مسّهم شيء من الجن نتيجة تعامل جدهم مع الجن قديمًا فأصبح الجن يُفسد عليهم حياتهم، وهذا وارد جدًّا.
أما أنهم يعاقبون بذنب جدهم فإنه -وكما لا يخفى عليك- أن الله تبارك وتعالى قال: {كل نفس بما كسبت رهينة} وقال أيضًا: (ولا تزر وازرة وزر أخرى} نعم كما ذكرت لك من شؤم المعصية أن تنعكس على حياة الأبناء والبنات، كما أن من بركة الطاعة أن الله تبارك وتعالى يبارك في الأبناء والبنات ببركة الطاعة.
وهذا الكلام معروف وبيّن واضح لا يحتاج إلى برهان، قال تعالى: {أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت}.
وقال تعالى: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديدًا}، لكن لا يصل الأمر إلى هذه الصورة التي تتكلم عنها، وإنما هؤلاء عليهم أن يتقوا الله تعالى وأن يأخذوا بالأسباب في دفع هذه الابتلاءات الموجودة، وخاصة كما ذكرت لك قراءة القرآن والرقية الشرعية والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وترك الحرام بصوره وأنواعه.
وبإذن الله تعالى سوف تتحسن أحوالهم، وإن قدر الله ولم تتحسن أحوالهم فهذا ابتلاء من الله تبارك وتعالى ابتلاهم به، فما عليهم إلا الصبر والرضى والتقوى، وسوف يعوضهم الله تبارك وتعالى خيرًا في الدنيا والآخرة.
واعلم أن الله تبارك وتعالى لا يحب الظالمين، واعلم أن هؤلاء ليست لهم من جريرة أو ذنب فيما كان جدهم يفعله، ولذلك الله تبارك وتعالى أعز وأجل من أن يعاقب الإنسان على ذنب لم يقترفه أو بذنب غيره، ولكن كل الذي من الممكن أن يكون إنما هو مسألة أن تكون هناك مشاكل نتيجة الأموال الحرام التي كان أبوهم يأكلها.
أما هؤلاء المساكين الآن هذا ليس أبوهم المباشر، ولعلهم لم يأكلوا من ماله شيئاً، فإذن عليهم أن يأخذوا بأسباب العلاج الطبيعية خاصة الرقية الشرعية، وأيضًا الاستقامة على منهج الله، وتقوى الله تعالى.
كما قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقال: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا} وقال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا} فعليهم أن يتقوا الله تعالى، وأن يراقبوا الله تعالى في سرهم وعلانيتهم، وبالدعاء وبالاستغفار والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، والبحث عن الوسائل الممكنة المادية التي يترتب عليها إسعاد الإنسان واستقراره.
وأن يترك الأمر بعد ذلك لله تعالى، فإن كان ابتلاءً فهم مأجورون عليه، وإن كانت أمراضًا فسيذهبها الله تبارك وتعالى ببركة الاستقامة والبُعد عن الحرام.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يصرف عنهم كل سوء وأن يعافيهم من كل بلاء، وأن يجعلك وإياهم -ونحن معكم وسائر المسلمين- من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.
المصدر: موقع إسلام ويب